الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
قال أبو محمد رحمه الله : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُ مَا السَّرِقَةُ وَحُكْمُ الْحِرْزِ أَيُرَاعَى أَمْ لاَ قال أبو محمد رحمه الله : قَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ قَطْعَ إِلاَّ فِيمَا أُخْرِجَ مِنْ حِرْزِهِ , وَأَمَّا إنْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزِهِ وَمَضَى بِهِ , فَلاَ قَطْعَ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ وَقَدْ أَخَذَهُ مِنْ حِرْزٍ فَأُدْرِكَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْحِرْزِ وَيَمْضِيَ بِهِ , فَلاَ قَطْعَ عَلَيْهِ. كَمَا ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى , وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , قَالَ سُلَيْمَانُ : إنَّ عُثْمَانَ , وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ : إنَّ ابْنَ عُمَرَ , ثُمَّ اتَّفَقَا : لاَ قَطْعَ عَلَى سَارِقٍ حَتَّى يُخْرِجَ الْمَتَاعَ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّ عُثْمَانَ قَضَى أَنَّهُ لاَ قَطْعَ عَلَى سَارِقٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَمَعَ الْمَتَاعَ فَأَرَادَ أَنْ يَسْرِقَ حَتَّى يَحْمِلَهُ وَيَخْرُجَ بِهِ. وَبِهِ إلَى ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ سَارِقًا نَقَبَ خِزَانَةَ الْمُطَّلِبِ بْنِ وَدَاعَةَ وَالْطَعَنِّ فِيهَا قَدْ جَمَعَ الْمَتَاعَ وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ , فَأُتِيَ بِهِ إلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَجَلَدَهُ وَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ , فَمَرَّ بِابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ فَأَتَى ابْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : أَمَرْت بِهِ أَنْ يُقْطَعَ فَقَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَمَا شَأْنُ الْجَلْدِ قَالَ : غَضِبْت , فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ مِنْ الْبَيْتِ , أَرَأَيْت لَوْ رَأَيْت رَجُلاً بَيْنَ رِجْلَيْ امْرَأَةٍ لَمْ يُصِبْهَا أَكُنْت حَادَّهُ قَالَ : لاَ , قَالَ : لَعَلَّهُ قَدْ كَانَ نَازِعًا تَائِبًا وَتَارِكًا لِلْمَتَاعِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ : لاَ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ وَإِنْ وُجِدَ مَعَهُ الْمَتَاعُ مَا لَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ الدَّارِ. وَبِهِ إلَى ابْنِ وَهْبٍ سَمِعْتُ الشِّمْرَ بْنَ نُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُوجَدُ فِي الْبَيْتِ وَقَدْ نَقَبَهُ مَعَهُ الْمَتَاعُ : أَنَّهُ لاَ يُقْطَعُ حَتَّى يَحْمِلَ الْمَتَاعَ فَيَخْرُجَ بِهِ عَنْ الدَّارِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ : لَيْسَ عَلَى السَّارِقِ قَطْعٌ حَتَّى يُخْرِجَ الْمَتَاعَ. وَعَنْ عَطَاءٍ سَأَلَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ السَّارِقُ يُوجَدُ فِي الْبَيْتِ قَدْ جَمَعَ الْمَتَاعَ وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ قَالَ : لاَ قَطْعَ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ. وَعَنْ رَبِيعَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أُخِذَ فِي دَارِ قَوْمٍ مَعَهُ سَرِقَةٌ قَدْ خَرَجَ عَنْ مَفَاتِيحِ الْبَيْتِ الَّذِي أَخَذَ السَّرِقَةَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ , وَمَنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ شَيْءٌ فَلاَ قَطْعَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ السَّرِقَةَ. وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رَجُلٍ نَقَبَ بَيْتَ قَوْمٍ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ فَجَمَعَ مَتَاعَهُمْ فَأَخَذُوهُ فِي الْبَيْتِ قَدْ جَمَعَ الْمَتَاعَ , فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : إنَّهُ لَمْ يَنْقُبْ الْبَيْتَ وَيَجْمَعْ الْمَتَاعَ لِخَيْرٍ , فَعَاقِبْهُ عُقُوبَةً شَدِيدَةً ثُمَّ احْبِسْهُ ، وَلاَ تَدَعْ أَنْ تُذَكِّرَنِيهِ. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ : إنَّمَا السَّرِقَةُ فِيمَا أُحْصِنَ , فَمَا كَانَ مُحْصَنًا فِي دَارٍ , أَوْ حِرْزٍ , أَوْ حَائِطٍ , أَوْ مَرْبُوطٍ , فَاحْتَلَّ رِبَاطَهُ فَذَهَبَ بِهِ , فَتِلْكَ مِنْ السَّرِقَةِ الَّتِي يُقْطَعُ فِيهَا , قَالَ : فَمَنْ سَرَقَ طَيْرًا مِنْ حِرْزٍ لَهُ مُعَلَّقٍ , فَعَلَيْهِ مَا عَلَى السَّارِقِ قال أبو محمد رحمه الله : وَبِهَذَا يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَأَصْحَابُهُمْ , وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَيْهِ الْقَطْعُ سَوَاءٌ مِنْ حِرْزٍ سَرَقَ أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ. كَمَا ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ هُوَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ : بَلَغَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إذَا لَمْ يُخْرِجْ السَّارِقُ الْمَتَاعَ لَمْ يُقْطَعْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلاَّ سِكِّينًا لَقَطَعْتُهُ. اخْتِلاَسٌ وَبِهِ إلَى ابْنِ الْجَهْمِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَلِي صَدَقَةَ الزُّبَيْرِ , فَكَانَتْ فِي بَيْتٍ لاَ يَدْخُلُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَغَيْرُ جَارِيَةٍ لَهُ , فَفَقَدَ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ : مَا كَانَ يَدْخُلُ هَذَا الْمَكَانَ غَيْرِي وَغَيْرُكَ فَمَنْ أَخَذَ هَذَا الْمَالِ فَأَقَرَّتْ الْجَارِيَةُ , فَقَالَ لِي : يَا سَعِيدٌ انْطَلَقَ بِهَا فَاقْطَعْ يَدَهَا , فَإِنَّ الْمَالَ لَوْ كَانَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا , قَطْعٌ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ ، حَدَّثَنَا أَصْبَغُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ , قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ فِي السَّارِقِ لاَ يُقْطَعُ حَتَّى يَخْرُجَ بِالْمَتَاعِ , فَأَنْكَرَهُ إبْرَاهِيمُ. حدثنا حمام بْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُمَا سُئِلاَ عَنْ السَّارِقِ يَسْرِقُ فَيَطْرَحُ السَّرِقَةَ , وَيُوجَدُ فِي الْبَيْتِ الَّذِي سَرَقَ مِنْهُ , لَمْ يَخْرُجْ فَقَالاَ جَمِيعًا : عَلَيْهِ الْقَطْعُ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيِّ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : إذَا جَمَعَ السَّارِقُ الْمَتَاعَ وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ , قُطِعَ حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمُزَنِيّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَبِي سَيَّارَةَ الْمُزَنِيّ كَانَ قَائِمًا يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَسَمِعَ خَشَفَةً فِي الْبَيْتِ , فَظَنَّ أَنَّهَا الشَّاةُ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّ فِي الْبَيْتِ لُصُوصًا , فَأَخَذَ السَّيْفَ فَقَامَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ , فَإِذَا كَارَّةٌ وَسَطَ الْبَيْتِ , فَخَرَجَ عَلَيْهِ مِثْلُ الْجَمَلِ الْمُحَجْرِمِ , فَضَرَبَ بِالثِّيَابِ وَجْهَهُ , وَحَذَفَهُ عَمْرٌو بِالسَّيْفِ حَذْفَةً , وَنَادَى مَوَالِيَهُ وَعَبِيدَهُ عَلَى الرَّجُلِ فَقَدْ أَثْقَلْتُهُ , وَأَقَامَ بِمَكَانِهِ يَرَى أَنَّ فِي الْبَيْتِ آخَرِينَ فَأَدْرَكُوهُ , وَهُوَ تَحْتَ سَابَاطٍ لِبَنِي لَيْثٍ يَشْتَدُّ , فَأَخَذُوهُ فَجَاءُوا بِهِ إلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ , فَقَالَ : إنِّي رَجُلٌ قَصَّابٌ , وَإِنِّي أَدْلَجْت مِنْ أَهْلِي أُرِيدُ الْجِسْرَ لأَُجِيزَ غَنَمًا لِي , وَإِنَّ عَمْرًا ضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ , فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ إلَى عَمْرٍو فَسَأَلَهُ فَقَالَ : بَلْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي , وَجَمَعَ الْمَتَاعَ , فَشُهِدَ عَلَيْهِ فَقَطَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ يَدَهُ. قال أبو محمد رحمه الله :. وَبِهِ يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ , وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا وَمِنْ هَذَا أَيْضًا الْمُخْتَلِسُ فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ قَطْعَ عَلَيْهِ : كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ دِثَارِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الأَبْرَصِ أَنْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ اخْتَلَسَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا فَقَالَ : إنَّمَا كُنْت أَلْعَبُ مَعَهُ , قَالَ : تَعْرِفُهُ قَالَ : نَعَمْ , فَلَمْ يَقْطَعْهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلاً اخْتَلَسَ طَوْقًا , فَسَأَلَ عَنْهَا مَرْوَانُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ : لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ. وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : اخْتَلَسَ رَجُلٌ مَتَاعًا فَأَرَادَ مَرْوَانُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ , فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : تِلْكَ الْخِلْسَةُ الظَّاهِرَةُ , لاَ قَطْعَ فِيهَا , لَكِنْ نَكَالٌ وَعُقُوبَةٌ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْخِلْسَةَ , فَقَالَ : تِلْكَ الدَّعْوَةُ الْمُقِلَّةُ , لاَ قَطْعَ فِيهَا. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلاً اخْتَلَسَ طَوْقًا فَأَخَذُوهُ وَهُوَ فِي حُجْرَتِهِ فَرُفِعَ إلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَتَبَ إلَيْهِ : أَنَّهُ عَادِي الظَّهِيرَةِ , وَلاَ قَطَعَ عَلَيْهِ. وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رَجُلٍ اخْتَلَسَ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ كَانَ فِي عُنُقِ جَارِيَةٍ نَهَارًا , فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : إنَّ ذَلِكَ عَادٍ ظَهَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ , فَعَاقِبْهُ. وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي الْخِلْسَةِ : لاَ قَطَعَ فِيهَا وَعَنْ قَتَادَةَ : لاَ قَطَعَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ , وَلَكِنْ يُسْجَنُ وَيُعَاقَبُ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ , وَأَبِي حَنِيفَةَ , وَمَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَأَصْحَابِهِمْ . وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَيْهِ الْقَطْعُ كَمَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ قَبَّاثِ بْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ اللَّخْمِيَّ يَقُولُ : السُّنَّةُ أَنْ تُقْطَعَ الْيَدُ الْمُسْتَخْفِيَةُ , وَلاَ تُقْطَعُ الْيَدُ الْمُعْلِنَةُ. وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، أَنَّهُ قَالَ : تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ الْمُسْتَخْفِي الْمُسْتَقِرِّ ، وَلاَ تُقْطَعُ يَدُ الْمُخْتَلِسِ الْمُعْلِنِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ثنا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ هِشَامٍ : أَنَّ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَاةَ رُفِعَ إلَيْهِ رَجُلٌ اخْتَلَسَ خِلْسَةً , فَقَالَ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ : عَلَيْهِ الْقَطْعُ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ , فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ لَمْ يَرَ الْقَطْعَ إِلاَّ فِي أَخْذٍ مِنْ حِرْزٍ , فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ : مَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ : مَنْ أَصَابَ مِنْهُ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ وَمَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ وَمَنْ سَرَقَ دُونَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلِهِ وَالْعُقُوبَةُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْنَسِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَمْ تُقْطَعُ الْيَدُ فَقَالَ : لاَ تُقْطَعُ الْيَدُ فِي تَمْرٍ مُعَلَّقٍ , فَإِذَا ضَمَّهُ الْجَرِينُ قُطِعَتْ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ , وَلاَ تُقْطَعُ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ , فَإِذَا آوَاهُ الْمِرَاحُ قُطِعَتْ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَحْمَدُ يَسْمَعُ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : إنَّ رَجُلاً مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ قَالَ : هِيَ وَمِثْلُهَا , وَالنَّكَالُ , وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ قَطْعٌ إِلاَّ فِيمَا آوَاهُ الْمُرَاحُ , فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ قَطْعُ الْيَدِ , وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ , وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ , قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ قَالَ : هُوَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ , وَالنَّكَالُ , وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ قَطْعٌ إِلاَّ فِيمَا آوَاهُ الْجَرِينُ , فَمَا أُخِذَ مِنْ الْجَرِينِ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ , وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ , وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مَخْلَدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ ، وَلاَ مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَرَأَ عَنْ الْمُنْتَهِبِ , وَالْمُخْتَلِسِ , وَالْخَائِنِ , الْقَطْعَ قال أبو محمد رحمه الله : فَقَالُوا : لَمْ يَجْعَلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَطْعَ عَلَى مُخْتَلِسٍ , وَلاَ عَلَى خَائِنٍ فَسَقَطَ بِذَلِكَ الْقَطْعُ عَنْ كُلِّ مَنْ اُؤْتُمِنَ , وَسَقَطَ الْقَطْعُ عَنْ حَرِيسَةِ الْجَبَلِ , وَالتَّمْرِ الْمُعَلَّقِ , حَتَّى يُؤْوِيهِمَا الْجَرِينُ , وَالْمِرَاحُ , وَهُوَ حِرْزُهُمَا. وَقَالُوا : مَا وُجِدَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ فَإِنَّمَا هُوَ لُقَطَةٌ قَدْ أُبِيحَ أَخْذُهَا وَتَحْصِينُهَا , وَقَالُوا : قَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : أَنَّهُ لاَ قَطْعَ عَلَى مُخْتَلِسٍ ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ , فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِ : فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ : أَمَّا الْخَبَرَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَا فَلاَ يَصِحُّ مِنْهُمَا ، وَلاَ وَاحِدٌ. أَمَّا حَدِيثُ حَرِيسَةِ الْجَبَلِ , وَالتَّمْرِ الْمُعَلَّقِ , فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ ; لأََنَّ أَحَدَ طَرِيقَيْهِ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلٌ , وَالْأُخْرَى : هِيَ أَيْضًا أَسْقَطُ , مُرْسَلَةً مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ وَالْأُخْرَى : مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَهِيَ صَحِيفَةٌ لاَ يُحْتَجُّ بِهَا فَهَذَا وَجْهٌ يَسْقُطُ بِهِ. وَدَلِيلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ عَلَيْهِمْ لاَ لَهُمْ ; لأََنَّهُمْ كُلَّهُمْ يَعْنِي الْحَاضِرِينَ مِنْ الْمُخَالِفِينَ مُخَالِفُونَ , لِمَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ : أَنَّ مَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا. وَكَذَلِكَ إذَا آوَاهُ الْجَرِينُ فَلَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ أَيْضًا غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ , وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا أَيْضًا. وَفِيهِ أَيْضًا : أَنَّ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ غَرَامَةُ مِثْلِهَا , وَأَنَّ فِيهَا غَرَامَةُ مِثْلَيْهَا , وَأَنَّ فِيهَا إنْ آوَاهُ الْمِرَاحُ فَلَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ غَرَامَةُ مِثْلَيْهَا , فَهُمْ قَدْ خَالَفُوا هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ أَحْكَامِهِ , فَكَيْفَ يَسْتَجِيزُ ذُو وَرَعٍ يَدْرِي أَنَّ كَلاَمَهُ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ , وَأَنَّهُ مُحَاسَبٌ بِهِ يَخَافُ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَى , وَيَهَابُ عِقَابَهُ , أَنْ يَحْتَجَّ بِخَبَرٍ هُوَ يُصَحِّحُهُ , وَيُخَالِفُهُ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ مِنْ أَحْكَامِهِ , عَلَى مَنْ لاَ يُصَحِّحُهُ أَصْلاً , فَلاَ يَرَاهُ حُجَّةً , وَهَلْ فِي التَّعْجِيلِ بِالْإِثْمِ , وَالْفَضِيحَةِ الْعَاجِلَةِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا فَإِنْ ادَّعَوْا فِي تَرْكِ هَذِهِ الأَحْكَامِ الأَرْبَعَةِ إجْمَاعًا كَذَبُوا ; لأََنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَدْ حَكَمَ بِهَا بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لاَ يُعْرَفُ مِنْهُمْ لَهُ مُخَالِفٌ ، وَلاَ يُدْرَى مِنْهُمْ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ , فَأَضْعَفُ قِيمَةِ النَّاقَةِ الْمُنْتَحِرَةِ لِلْمُزَنِيِّ عَلَى رَقِيقِ حَاطِبٍ الَّتِي سَرَقُوهَا وَانْتَحَرُوهَا. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا مَا ناه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ قَيْسٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبٍ سَرَقُوا نَاقَةً لِلْمُزَنِيِّ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَانْتَحَرُوهَا , فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَمَرَ عُمَرُ لِكَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ , قَالَ عُمَرُ : إنِّي أَرَاك تُجِيعُهُمْ , وَاَللَّهِ لاَُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْك ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ : كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ قَالَ : أَرْبَعمِائَةِ دِرْهَمٍ , قَالَ عُمَرُ : فَأَعْطِهِ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَا أَثَرٌ عَنْ عُمَرَ كَالشَّمْسِ وَأَمَّا حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَهُمْ يَعُدُّونَ مِثْلَ هَذَا إجْمَاعًا إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه وَغَيْرِهِ نَحْوُ هَذَا فِي إتْلاَفِ الأَمْوَالِ : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ أَبَاهُ عُثْمَانَ أُغْرِمَ فِي نَاقَةِ مُحْرِمٍ أَهْلَكَهَا رَجُلٌ , فَأَغْرَمُهُ الثُّلُثَ زِيَادَةً عَلَى ثَمَنِهَا قَالَ الزُّهْرِيُّ : مَا أُصِيبَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَمَوَاشِيهِمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ , فَإِنَّهُ يُزَادُ الثُّلُثُ لِهَذَا فِي الْعَمْدِ فَهَذَا أَثَرٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ،. وَقَالَ بِهِ الزُّهْرِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ , وَهُمْ لاَ يُبَالُونَ بِدَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِي أَقَلَّ مِنْ هَذَا جُرْأَةً عَلَى الْكَذِبِ , ثُمَّ لاَ يُبَالُونَ بِمُخَالَفَةٍ مَا يُقِرُّونَ بِأَنَّهُ إجْمَاعٌ قال أبو محمد رحمه الله : نَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ إنَّ الْخَبَرَ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ عَنْ جَابِرٍ إِلاَّ أَبُو الزُّبَيْرِ فَقَطْ , وَأَبُو الزُّبَيْرِ مُدَلِّسٌ مَا لَمْ يُقِلْ فِيهِ : حَدَّثَنَا , أَوْ أَنَا , لاَ سِيَّمَا فِي جَابِرٍ , فَقَدْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّدْلِيسِ فِيهِ : كَمَا ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَلاَنِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا عَمِّي وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : قَدِمْتُ مَكَّةَ , فَجِئْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ فَدَفَعَ إلَيَّ كِتَابَيْنِ , فَانْقَلَبْتُ بِهِمَا , فَقُلْت فِي نَفْسِي : لَوْ عَاوَدْته فَسَأَلْته : أَسَمِعَ هَذَا كُلَّهُ مِنْ جَابِرٍ فَرَجَعْت إلَيْهِ , فَقُلْت لَهُ : هَذَا كُلُّهُ سَمِعْتَهُ مِنْ جَابِرٍ فَقَالَ : مِنْهُ مَا سَمِعْته , وَمِنْهُ مَا حُدِّثْتُ عَنْهُ , فَقُلْت لَهُ : أَعْلِمْ لِي مَا سَمِعْتَ مِنْهُ فَأَعْلَمَ لِي عَلَى هَذَا الَّذِي عِنْدِي قَالَ عَلِيٌّ : فَمَا لَمْ يَرْوِهِ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , أَوْ لَمْ يَقُلْ فِيهِ : حَدَّثَنَا , أَوْ أَنَا , فَهُوَ مُنْقَطِعٌ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَسْمَعْهُ أَبُو الزُّبَيْرِ مِنْ جَابِرٍ. وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِمَا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فِي الْمُخْتَلِسِ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لاَ تَصِحُّ ; لأََنَّهَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ مُنْقَطِعَةٌ , وَلَمْ يَسْمَعْ الزُّهْرِيُّ مِنْ زَيْدٍ كَلِمَةً : وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ , وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِي ذَلِكَ , فَإِنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ ; لأََنَّهَا عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْهُمَا وَلَمْ يُولَدْ الشَّعْبِيُّ إِلاَّ بَعْدَ قَتْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَلَمْ يَكُنْ يَعْقِلْ إذْ مَاتَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ فَهِيَ مِنْ طَرِيقَيْنِ : إحْدَاهُمَا عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ وَالْأُخْرَى مِنْ طَرِيقِ بُكَيْرِ بْنِ أَبِي السُّمَيْطِ الْمَكْفُوفِ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ قَتَادَةَ , وَعَفَّانَ , وَلاَ يُعْرَفُ حَالُهُ , إِلاَّ أَنَّ الْقَوْلَ فِي الْمُخْتَلِسِ لاَ يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إمَّا أَنْ يَكُونَ اخْتَلَسَ جِهَارًا غَيْرَ مُسْتَخْفٍ مِنْ النَّاسِ فَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ سَارِقًا , وَلاَ قَطْعَ عَلَيْهِ. أَوْ يَكُونُ فَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَخْفِيًا عَنْ كُلِّ مَنْ حَضَرَ فَهَذَا لاَ خِلاَفَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَاضِرِينَ مِنْ خُصُومِنَا فِي أَنَّهُ سَارِقٌ , وَأَنَّ عَلَيْهِ الْقَطْعَ. فَبَطَلَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ , وَعَرِيَ قَوْلُهُمْ فِي مُرَاعَاةِ الْحِرْزِ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ أَصْلاً. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ الشَّيْءَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْرَزًا فَهُوَ لُقَطَةٌ فَخَطَأٌ ; لأََنَّ اللُّقَطَةَ إنَّمَا هِيَ مَا سَقَطَ عَنْ صَاحِبِهِ وَصَارَ بِدَارِ مَضْيَعَةٍ وَكَذَلِكَ الضَّالَّةُ وَأَمَّا مَا كَانَ غَيْرَ مُهْمَلٍ ، وَلاَ سَاقِطٍ , فَقَدْ بَطَلَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لُقَطَةً , أَوْ ضَالَّةً , وَقَدْ جَاءَ فِي اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ نُصُوصٌ لاَ يَحِلُّ تَعَدِّيهَا , فَلاَ مَدْخَلَ لِلسَّارِقِ فِيهَا , فَنَحْنُ إنَّمَا نُكَلِّمُهُمْ فِي سَارِقٍ مِنْ حِرْزٍ , لاَ فِي مُلْتَقَطٍ , وَلاَ فِي آخِذِ ضَالَّةٍ فَإِنَّ الْمُلْتَقِطَ مُخْتَلِسٌ فَسَقَطَ هَذَا الأَعْتِرَاضُ الْفَاسِدُ. قال أبو محمد رحمه الله : فَوَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولَ وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُخَصَّ الْقُرْآنُ بِالظَّنِّ الْكَاذِبِ , وَلاَ بِالدَّعْوَى الْعَارِيَّةِ مِنْ الْبُرْهَانِ. فَإِنَّ مَنْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَرَادَ فِي هَذِهِ الآيَةِ مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ , فَإِنَّهُ مُخْبِرٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى , وَالْمُخْبِرُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ , وَلاَ أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ نَبِيُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ قَالَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْكَذِبَ , وَقَالَ مَا لاَ يَعْلَمْ , وَقَفَا مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا. وَقَدْ أَوْرَدْنَا عَنْ عَائِشَةَ , وَابْنِ الزُّبَيْرِ , وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , وَالْحَسَنِ , وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ , وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ سَرَقَ , وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ , وَأَمَّا مِنْ السُّنَنِ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ وَاللَّيْثُ ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمْ الْمَرْأَةُ الْمَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَخَطَبَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّمَا ضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ , وَاَيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الأَعْمَشُ قَالَ : سَمِعْت أَبَا صَالِحٍ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ , وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ قال أبو محمد رحمه الله : فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ السَّارِقِ جُمْلَةً وَلَمْ يَخُصَّ عليه السلام حِرْزًا مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى , وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا وَقَالَ تَعَالَى وَقَالَ تَعَالَى وَأَمَّا فِي النَّقْلِ الْمَنْقُولِ. فَإِذْ لَمْ يَفْعَلْ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ , وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحْنُ نَشْهَدُ , وَنَبُتُّ , وَنَقْطَعُ بِيَقِينٍ لاَ يُمَازِجُهُ شَكٌّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُرِدْ قَطُّ , وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتِرَاطَ الْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ. إذْ لاَ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَاشْتِرَاطُ الْحِرْزِ فِيهَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ لاَ شَكَّ فِيهِ , وَشَرْعٌ لِمَا لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ , وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا فَإِنَّمَا يَلْزَمُ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَوَقَفَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ; لأََنَّ مَنْ سَلَفَ مِمَّنْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ مَأْجُورٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَإِنَّهُ لاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا فِي أَنَّ السَّرِقَةَ هِيَ الأَخْتِفَاءُ بِأَخْذِ الشَّيْءِ لَيْسَ لَهُ , وَأَنَّ السَّارِقَ هُوَ الْمُخْتَفِي بِأَخْذِ مَا لَيْسَ لَهُ , وَأَنَّهُ لاَ مَدْخَلَ لِلْحِرْزِ فِيمَا اقْتَضَاهُ الأَسْمُ , فَمِنْ أَقْحَمَ فِي ذَلِكَ اشْتِرَاطَ الْحِرْزِ فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي اللُّغَةِ , وَادَّعَى فِي الشَّرْعِ مَا لاَ سَبِيلَ لَهُ إلَى وُجُودِهِ , وَلاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ الصَّحَابَةِ : فَقَدْ أَوْضَحْنَا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ قَطُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ اشْتِرَاطُ الْحِرْزِ أَصْلاً وَإِنَّمَا جَاءَ عَنْ بَعْضِهِمْ " حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الدَّارِ " وقال بعضهم " مِنْ الْبَيْتِ " وَلَيْسَ هَذَا دَلِيلاً عَلَى مَا ادَّعَوْهُ مِنْ الْحِرْزِ مَعَ الْخِلاَفِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ عَائِشَةَ , وَابْنِ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ فَلاَحَ أَنَّ قَوْلَنَا قَوْلٌ قَدْ جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ , وَالسُّنَنُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
مسائل من هذا الباب فِيمَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ , أَوْ مِنْ الْغَنِيمَةِ قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : إنَّ رَجُلاً سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ , فَكَتَبَ فِيهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَتَبَ عُمَرُ إلَيْهِ : أَنْ لاَ قَطْعَ عَلَيْهِ ; لأََنَّ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا. وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الأَبْرَصِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ سَرَقَ مِنْ الْخُمْسِ مِغْفَرًا فَلَمْ يَقْطَعْهُ عَلِيٌّ , وَقَالَ : إنْ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا. وَبِهِ يَقُولُ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ , وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ , وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَصْحَابُهُمَا وقال مالك , وَأَبُو ثَوْرٍ , وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُهُمْ : عَلَيْهِ الْقَطْعُ قال أبو محمد رحمه الله : إنَّمَا احْتَجَّ مِنْ لَمْ يَرَ الْقَطْعَ فِي ذَلِكَ بِحُجَّتَيْنِ : إحْدَاهُمَا : أَنَّ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا مُشَاعًا. وَالثَّانِيَةُ : أَنَّهُ قَوْلُ صَاحِبَيْنِ لاَ يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ،. أَمَّا الأَحْتِجَاجُ بِأَنَّهُ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ , فَإِنَّ هَذَا يَلْزَمُ الْمَالِكِيِّينَ الْمُحْتَجِّينَ بِمِثْلِ هَذَا إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ التَّارِكِينَ لَهُ إذَا اشْتَهَوْا وَأَمَّا نَحْنُ فَلاَ حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي قَوْل أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ نَصِيبًا فَهَذَا لَيْسَ حُجَّةً فِي إسْقَاطِ حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى , إذْ لَيْسَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ , وَلاَ مِمَّا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ مِمَّا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ : فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْعُمَدِ الثَّلاَثِ. وَكَوْنُهُ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَفِي الْمَغْنَمِ نَصِيبٌ لاَ يُبِيحُ لَهُ أَخَذُ نَصِيبِ غَيْرِهِ ; لأََنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ بِإِجْمَاعٍ لاَ خِلاَفَ فِيهِ. وَبِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ فِي الْمَنْعِ مِنْ قَطْعِ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَغْنَمِ , أَوْ مِنْ الْخُمُسِ , أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ , حُجَّةً أَصْلاً , لاَ مِنْ قُرْآنٍ , وَلاَ سُنَّةِ , وَلاَ إجْمَاعٍ , وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي الْقَوْلِ الآخَرِ : فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِيمَنْ سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ عَنْ بِلاَلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلاً سَرَقَ بُرْنُسًا مِنْ الْحَمَّامِ فَرُفِعَ إلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَطْعًا. وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ وقال مالك , وَأَحْمَدُ , وَإِسْحَاقُ , وَأَبُو ثَوْرٍ , وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُهُمْ : عَلَيْهِ الْقَطْعُ إذَا كَانَ هُنَالِكَ حَافِظٌ قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا مِمَّا تَنَاقَضَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ , وَالْمَالِكِيُّونَ ; لأََنَّهُمْ يُعَظِّمُونَ خِلاَفَ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إذَا وَافَقَ آرَاءَهُمْ , وَقَدْ خَالَفُوا هَاهُنَا قَوْلَ أَبِي الدَّرْدَاءِ , وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ قال أبو محمد رحمه الله : أَمَّا نَحْنُ فَلاَ حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِيمَنْ سَرَقَ مِنْ مَسْجِدٍ قَالَ قَوْمٌ : لاَ قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ مَسْجِدٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إذَا كَانَ هُنَالِكَ حَافِظٌ لِذَلِكَ الشَّيْءِ , أَوْ كَانَتْ الأَبْوَابُ مُغْلَقَةً قُطِعَ , وَإِلَّا فَلاَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَلَعَ بَابَ الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ مُغْلَقًا مَضْبُوطًا قُطِعَ , وَإِلَّا فَلاَ وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي بَابِ الدَّارِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا : الْقَطْعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَاجِبٌ , وَالأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَمْرُ الْحِرْزِ كَمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ بَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِمُرَاعَاةِ الْحِرْزِ فَالْوَاجِبُ قَطْعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَسْجِدٍ بَابًا كَانَ مُغْلَقًا أَوْ غَيْرَ مُغْلَقٍ أَوْ حَصِيرًا , أَوْ قِنْدِيلاً , أَوْ شَيْئًا وَضَعَهُ صَاحِبُهُ هُنَالِكَ وَنَسِيَهُ كَانَ صَاحِبُهُ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ إذَا أَخَذَهُ مُسْتَتِرًا بِأَخْذِهِ لِنَفْسِهِ , لاَ لِيَحْفَظَهُ عَلَى صَاحِبِهِ , وَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. هَلْ عَلَى النَّبَّاشِ قَطْعٌ أَمْ لاَ قال أبو محمد رحمه الله : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي النَّبَّاشِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَيْهِ الْقَتْلُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : تُقْطَعُ يَدُهُ وَرِجْلُهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : تُقْطَعُ يَدُهُ فَقَطْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُعَزَّرُ أَدَبًا ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَنْ رَأَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ فَكَمَا ، حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ : أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ رَجُلاً يَخْتَفِي فِي الْقُبُورِ فَقَتَلَهُ , فَأَهْدَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَمَهُ. وَأَمَّا مَنْ رَأَى قَطْعَ يَدِهِ وَرِجْلِهِ : فَ كَمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ : قَطَعَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَدَ غُلاَمٍ وَرِجْلَهُ , اخْتَفَى قال أبو محمد رحمه الله : " عَبَّادٌ " هَذَا مِنْ التَّابِعِينَ أَدْرَكَ عَائِشَةَ , نَعَمْ , وَجَدُّهُ الزُّبَيْرُ , وَجُمْهُورُ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ،. وَأَمَّا مَنْ رَأَى قَطْعَ يَدِهِ فَقَطْ : فَ كَمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ وَجَدَ قَوْمًا يَخْتَفُونَ الْقُبُورَ بِالْيَمَنِ , فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ : أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ : شَهِدْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَطْعَ يَدِ النَّبَّاشِ. وَبِهِ إلَى الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ : أَنَّ الشَّعْبِيَّ , وَالنَّخَعِيَّ , وَمَسْرُوقَ بْنَ الأَجْدَعِ , وَزَاذَانَ , وَأَبَا ذُرْعَةَ بْنَ عَمْرٍو وَعَمْرَو بْنَ حَزْمٍ , قَالُوا فِي النَّبَّاشِ إذَا أَخَذَ الْمَتَاعَ : قُطِعَ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : إذَا سَرَقَ النَّبَّاشُ قَدْرَ مَا يُقْطَعُ فِيهِ , فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ النَّبَّاشِ فَقَالَ : نَقْطَعُ فِي أَمْوَاتِنَا , كَمَا نَقْطَعُ فِي أَحْيَائِنَا قال أبو محمد رحمه الله : وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : أَنَّ كُلَّ هَذَا لاَ مَعْنَى لَهُ , لَكِنَّ الْفَرْضَ هُوَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ عليه السلام الرُّجُوعَ إلَيْهِ عِنْد التَّنَازُعِ , إذْ يَقُولُ تَعَالَى وَأَمَّا مَنْ رَأَى قَتْلَهُ , أَوْ قَطْعَ يَدِهِ وَرِجْلِهِ , فَمَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً , إِلاَّ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ مُحَارِبًا وَلَيْسَ هَاهُنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُحَارِبٌ أَصْلاً ; لأََنَّهُ لَمْ يُخِفْ طَرِيقًا , فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمُحَارِبِ , وَدِمَاؤُنَا حَرَامٌ , فَدَمُ النَّبَّاشِ حَرَامٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. مَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى آخِذِهِ الْقَطْعُ قال أبو محمد رحمه الله : تَنَازَعَ النَّاسُ فِي أَشْيَاءَ , فَقَالَ قَوْمٌ : لاَ قَطْعَ فِي سَرِقَتِهَا. وَقَالَ قَوْمٌ : فِيهَا الْقَطْعُ , مِنْ ذَلِكَ : التَّمْرُ , وَالْجُمَّارُ , وَالشَّجَرُ , وَالزَّرْعُ قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْغَوْصِيُّ عَنْ الْحَسَنِ ، هُوَ ابْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ : " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لاَ قَطْعَ فِي ثَمَرٍ , وَلاَ كَثَرٍ وَالْكَثَرُ الْجُمَّارُ وَفِي هَذَا آثَارٌ كَثِيرَةٌ لَمْ نَذْكُرْهَا , لِئَلَّا نُطَوِّلَ بِذِكْرِهَا , وَلَوْ صَحَّتْ لَوَجَبَ الأَخْذُ بِهَا بِذَلِكَ , وَلَلَزِمَ حِينَئِذٍ أَنْ لاَ يُقْطَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَرِ , وَالْحُبُوبِ سَوَاءٌ حُصِدَ أَوْ لَمْ يُحْصَدْ , جُدَّ أَوْ لَمْ يُجَدَّ كَانَ فِي الْمَخَازِنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِعُمُومِ هَذَا اللَّفْظِ. وَلأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْيَابِسَ ثَمَرًا , فَقَالَ : وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى مَا تُثْمِرُهُ الشَّجَرَةُ , وَالنَّخْلَةُ , وَالزَّرْعُ , ثَمَرًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَمَّا سَاقُ الشَّجَرِ , وَالنَّخْلِ , وَأَغْصَانُهُ , فَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ ثَمَرٍ أَصْلاً , لاَ فِي لُغَةٍ , وَلاَ فِي شَرِيعَةٍ. وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذَا , فَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : لاَ قَطْعَ فِيمَا يَفْسُدُ مِنْ يَوْمِهِ مِنْ الطَّعَامِ , مِثْلَ : الثَّرِيدِ , وَاللَّحْمِ , وَمَا أَشْبَهَهُ , لَكِنْ يُعَزَّرُ. وَإِذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ فِي شَجَرَتِهَا لَمْ تُقْطَعْ الْيَدُ فِي سَرِقَتِهَا , لَكِنْ يُعَزَّرُ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لاَ يُقْطَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ : الْإِبِلِ , وَلاَ الْبَقَرِ , وَلاَ الْغَنَمِ , وَلاَ الْخَيْلِ , وَلاَ الْبِغَالِ , وَلاَ الْحَمِيرِ إذَا سُرِقَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمَرْعَى , فَإِذَا كَانَتْ فِي الْمِرَاحِ , أَوْ فِي الدُّورِ فَفِيهَا الْقَطْعُ. وَلاَ يُقْطَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ : الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ كَانَتْ فِي الدُّورِ أَوْ فِي الشَّجَرِ فِي حِرْزٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرِ حِرْزٍ وَكَذَلِكَ الْبُقُولُ كُلُّهَا. وَكَذَلِكَ مَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ مِنْ اللَّحْمِ , وَالطَّعَامِ كُلِّهِ كَانَ فِي حِرْزٍ أَوْ فِي غَيْرِ حِرْزٍ. وَلاَ قَطْعَ فِي الْمِلْحِ , وَلاَ فِي التَّوَابِلِ , وَلاَ فِي الزُّرُوعِ كُلِّهَا , فَإِذَا يَبِسَ الزَّرْعُ وَحُمِلَ إلَى الأَنْدَرِ , أَوْ إلَى الْبُيُوتِ وَجَبَ الْقَطْعُ فِي سَرِقَةِ شَيْءٍ مِنْهُ , إذَا بَلَغَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ. وقال مالك : كُلُّ مَا كَانَ مِنْ الْفَوَاكِهِ فِي أَشْجَارِهِ , وَالزَّرْعِ فِي مَزْرَعَتِهِ , فَلاَ قَطَعَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الأَنْعَامُ فِي مَسَارِحِهَا , فَإِذَا أُحْرِزَتْ الأَنْعَامُ فِي مِرَاحٍ , أَوْ دَارٍ , فَفِيهَا الْقَطْعُ , فَإِذَا جُمِعَ الزَّرْعُ فِي أَنْدَرِهِ أَوْ فِي الدُّورِ فَفِيهِ الْقَطْعُ , وَإِذَا جُنِيَتْ الْفَوَاكِهُ , وَأُدْخِلَتْ فِي الْحِرْزِ فَفِيهَا الْقَطْعُ , وَكَذَلِكَ تُقْطَعُ فِي الْبُقُولِ , وَالْفَوَاكِهِ كُلِّهَا , وَفِي اللَّحْمِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ إذَا كَانَ فِي حِرْزٍ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : إذَا كَانَتْ الْفَوَاكِهُ فِي أَشْجَارِهَا رَطْبَةً أَوْ غَيْرَ رَطْبَةٍ وَكَانَ الْفَسِيلُ فِي حَائِطِهِ , وَكَانَ كُلُّ ذَلِكَ مُحْرَزًا مَمْنُوعًا , فَفِيهِ الْقَطْعُ وَقَالَ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ , وقال مالك , وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ فِي الْبَعِيرِ , أَوْ الدَّابَّةِ تُسْرَقُ مِنْ الْفَدَّانِ , فَفِيهِ الْقَطْعُ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا : الْقَطْعُ مُحْرَزًا كَانَ أَوْ غَيْرِ مُحْرَزٍ إذَا سَرَقَهُ السَّارِقُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ مُعْلِنًا قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , وَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ فَوَجَدْنَاهُ صَحِيحًا , إِلاَّ اشْتِرَاطَهُ الْحِرْزَ فَقَطْ , فَإِنَّ الْحِرْزَ لاَ مَعْنَى لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَبْلُ. وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ هَذَا إنَّمَا صَحَّ لِمُوَافَقَتِهِ عُمُومَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قلنا : إنَّ هَذِهِ الأَخْبَارِ لاَ تَصِحُّ وَلَوْ صَحَّتْ لَمَا كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مَنْ ادَّعَاهُ مِنْ الْحِرْزِ , بَلْ كَانَ الْوَاجِبُ حِينَئِذٍ أَنْ لاَ يُقْطَعَ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ ثَمَرٍ , وَلاَ اسْمُ كَثَرٍ , وَأَنْ يُقْطَعَ فِي ذَلِكَ إنْ آوَاهُ الْجَرِينُ رَطْبًا كَانَ أَوْ غَيْر رَطْبٍ فَهَذَا كَانَ يَكُونُ الْحُكْمُ لَوْ صَحَّ الْخَبَرُ وَمَا عَدَا هَذَا فَبَاطِلٌ , بِظَنٍّ كَاذِبٍ فَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الآثَارُ أَصْلاً فَالْوَاجِبُ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا مِنْ أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ فِي كُلِّ ثَمَرٍ , وَفِي كُلِّ كَثَرٍ مُعَلَّقًا كَانَ فِي شَجَرِهِ أَوْ مَجْذُوذًا , أَوْ فِي جَرِينٍ كَانَ أَوْ غَيْرِ جَرِينٍ إذَا أَخَذَهُ سَارِقًا لَهُ , مُسْتَخْفِيًا بِأَخْذِهِ , غَيْرَ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ , وَبِغَيْرِ حَقٍّ لَهُ , فَإِنَّ الْقَطْعَ فِي كُلِّ طَعَامٍ كَانَ مِمَّا يَفْسُدُ أَوْ لاَ يَفْسُدُ إذَا أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ غَيْرَ مَشْهُورٍ بِأَخْذِهِ , لاَ حَاجَةَ إلَيْهِ , وَلاَ عَنْ حَقٍّ أَوْجَبَ لَهُ أَخْذُهُ , فَإِنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ فِي الزَّرْعِ , إذَا أُخِذَ مِنْ فَدَّانِهِ , أَوْ هُوَ بِأَنْدَرِهِ , عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ مُسْتَتِرًا , أَوْ مُخْتَفِيًا بِأَخْذِهِ , لاَ عَنْ حَاجَةٍ إلَيْهِ , وَلاَ عَنْ حَقٍّ لَهُ. وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ فَالْقَطْعُ فِيهَا أَيْضًا كَذَلِكَ , إِلاَّ أَنْ تَكُونَ ضَالَّةً يَأْخُذُهَا مُعْلِنًا فَيَكُونُ مُحْسِنًا , حَيْثُ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُهَا , وَعَاصِيًا لاَ سَارِقًا , حَيْثُ لَمْ يُبَحْ لَهُ أَخْذُهَا , فَلاَ قَطْعَ هَاهُنَا ; لأََنَّهُ لَيْسَ سَارِقًا ; وَإِنَّمَا الْقَطْعُ عَلَى السَّارِقِ وَعُمْدَتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى الطَّيْرُ فِيمَنْ سَرَقَهَا قال أبو محمد رحمه الله : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْقَطْعِ فِي الطَّيْرِ إذَا سُرِقَ , كَالدَّجَاجِ , وَالْإِوَزِّ , وَغَيْرِهَا. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ : كَمَا ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : أُتِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِرَجُلٍ قَدْ سَرَقَ دَجَاجًا , فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ , فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ كَانَ عُثْمَانُ يَقُولُ : لاَ قَطْعَ فِي طَيْرٍ فَخَلَّى عُمَرُ سَبِيلَهُ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ , قَالَ : أَرَادَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ يَقْطَعَ سَارِقًا سَرَقَ دَجَاجَةً , فَقَالَ لَهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : إنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ : لاَ قَطْعَ فِي طَيْرٍ. وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَأَصْحَابُهُمَا , وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الْقَطْعُ فِيهِ إذَا سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَصْحَابُهُمَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الْقَطْعُ فِيهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ , إذَا سُرِقَتْ قال أبو محمد رحمه الله : فَنَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ , فَوَجَدْنَا مَنْ احْتَجَّ بِقَوْلِ مَنْ لَمْ يَرَ الْقَطْعَ فِيهِ , فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ إبْطَالَ الْقَطْعِ فِيهِ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَوَى نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ , هَذَا لاَ يُعْرَفُ. وَقَالُوا : إنَّ الأَصْلَ فِيهِ أَنَّهُ تَافِهٌ فِي الأَصْلِ مُبَاحٌ , فَإِذَا كَانَ مَمْلُوكًا لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ , إذَا كَانَ مَا هَذَا وَصْفُهُ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ , وَالطَّيْرُ إذَا كَانَ مُبَاحًا , وَكَانَ فَرْخًا فَلاَ قِيمَةَ لَهُ , وَإِنَّمَا تَصِيرُ لَهُ الْقِيمَةُ بَعْدَمَا يَصِيرُ مَمْلُوكًا بِالتَّعْلِيمِ. فَهَذَا كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ , مَا لَهُمْ شُبْهَةٌ غَيْرُ ذَلِكَ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلاً قال أبو محمد رحمه الله : فَإِذَا قَدْ عَرَى قَوْلُهُمْ مِنْ حُجَّةٍ , وَكَانَ الطَّيْرُ مَالاً مِنْ الأَمْوَالِ , فَقَدْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ , كَالدَّجَاجِ , وَالْحَمَامِ , وَشِبْهِهَا وَجَبَ فِيهِ الْقَطْعُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى 2274- مَسْأَلَةٌ : الصَّيْدُ قال أبو محمد رحمه الله : يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ أَمْرُ الصَّيْدِ , فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لاَ يَرَى الْقَطْعَ فِي الصَّيْدِ إذَا تَمَلَّكَ أَصْلاً , وَلاَ يَرَى الْقَطْعَ فِيمَنْ سَرَقَ إبِلاً مُتَمَلِّكًا مِنْ حِرْزِهِ , وَلاَ عَلَى مَنْ سَرَقَ كَذَلِكَ غَزَالاً , أَوْ خَشْفًا , أَوْ ظَبْيًا , أَوْ حِمَارًا وَحْشِيًّا , أَوْ أَرْنَبًا , أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الصَّيْدِ. وَرَأَى مَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَصْحَابُهُمَا , الْقَطْعَ فِي كُلِّ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ الأَخْتِلاَفِ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ عَنْهُمْ فِي مُرَاعَاةِ الْحِرْزِ. قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا مَكَانٌ مَا نَعْلَمُ لِلْحَنَفِيَّيْنِ فِيهِ حُجَّةً أَصْلاً , وَلاَ ، أَنَّهُ قَالَ بِهِ أَحَدٌ قَبْلَ شَيْخِهِمْ , بَلْ هُوَ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ , وَخِلاَفٌ لِلْقُرْآنِ مُجَرَّدٌ , إِلاَّ أَنَّهُمْ ادَّعُوا أَنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى الطَّيْرِ فَإِنْ قَالُوا : إنَّ الصَّيْدَ يُشْبِهُ الطَّيْرَ فِي أَنَّهُمَا حَيَوَانٌ وَحْشِيٌّ مُبَاحٌ فِي أَصْلِهِ قِيلَ لَهُمْ : فَأَسْقِطُوا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ الْقَطْعَ عَمَّنْ سَرَقَ يَاقُوتًا , أَوْ ذَهَبًا , أَوْ فِضَّةً , أَوْ نُحَاسًا , أَوْ حَدِيدًا , أَوْ رَصَاصًا , أَوْ قَزْدِيرًا , أَوْ زِئْبَقًا , أَوْ صُوفَ الْبَحْرِ ; لأََنَّ هَذَا كُلَّهُ أَجْسَامٌ مُبَاحَةٌ فِي الأَصْلِ , غَيْرُ مُتَمَلَّكَةٌ كَالصَّيْدِ , وَلاَ فَرْقَ فَهَذَا تَشْبِيهٌ أَعَمُّ مِنْ تَشْبِيهِكُمْ , وَعِلَّةٌ أَعَمُّ مِنْ عِلَّتِكُمْ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ قَدْ نَقَضُوا هَذَا الْقِيَاسِ , فَلَمْ يَقِيسُوا قَاتِلَ الدَّجَاجِ الْإِنْسِيِّ عَلَى الصَّيْدِ الْمُحَرَّمِ فِي الْإِحْرَامِ , وَلاَ قَاسُوا الأَنْعَامَ , وَالْخَيْلَ عِنْدَ مَنْ يُبِيحُهَا عَلَى ذَوَاتِ الأَرْبَعِ مِنْ الصَّيْدِ , وَكَانَ هَذَا كُلُّهُ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا فَصَحَّ أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ سَرَقَ صَيْدًا مُتَمَلَّكًا , كَمَا هُوَ وَاجِبٌ فِي سَائِرِ الأَمْوَالِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|